السبت، 25 أبريل 2020

قاع اليهود في مدينة صنعاء المحروسة

معالم من قاع اليهود كنائسها ، اسواقها ، شوارعها ، أبوابها ، بساتينها،حماماتها 
*************************************************************** 
خطوه لإعادة اكتشاف جزء من تاريخ مدينة صنعاء 
---------
هذا عمل مشترك بين م/ عرفات بن علي البهلولي – صنعاء  ،  هارون سري – القدس 
----------
كنت أرجو أن انشر هذا المنشور وهو على اكمل وجه و لصعوبة تحقيق هذه الغاية لعده أسباب آثرت اطلاق المنشور على عواهنه ، وما كان هذا أن يتم لولا مساعده الصديق  هارون سري والذي تنحدر جذوره من صنعاء – قاع اليهود ،فوالده ووالدته من مواليد صنعاء وهو يجيد اللغة العربية بل يجيد اللهجة الدارجة الصنعانية  .
وقبل الخوض في بقية نقاط المنشور اود ان اوضح ان جميع تعليقات ومواضيع المنشور باستثناء ترجمه هذه الخارطة لقاع اليهود تمثل وجهه نظري أنا فقط كاتب هذا المنشور عرفات بن علي البهلولي ، فليفهم ذلك 
________
• عن الديانة اليهودية باليمن 
كانت الديانة اليهودية احدى الديانات التي اعتنقها اليمانيون قبل الإسلام ،والملك الحميري المشهور صاحب الاخدود يوسف أسار المُسمى عند القاضي نشوان بن سعيد الحميري" بذي نواس بن زرعة بن حسان بن أسعد الكامل" ، وفي نقوش المسند "يوسف أسأر يثأر ملك كل الشعوب " والمعروف في التاريخ " الملك ذو نواس"  كان من ابرز من اعتنق اليهودية وجعلها الديانة الرسمية لليمن ، بل وسعى للتهويد بالإكراه لمن هم تحت مملكته ، والقصة مشهورة بالقران بسورة البروج عندما سعى الى تهويد نصارى نجران بالقوة. وقد أشار لذلك القاضي نشوان في كتابه "شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم" ما نصه [ وقول الله تعالى: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ: هو أخدود بنجران خَدَّه الملك ذو نُواس الحميري، وأحرق فيه نصارى نجران، وكان على دين اليهود، فمن لم يرجع عن دين النصارى إِلى دين اليهودية أحرقه، وقيل: إِنه ندم بعد ذلك وقال:
أَلا لَيْتَ أُمِّي لم تَلِدْنِي ولَم أَكُنْ ... عَشِيَّةَ حَزَّ السيفُ رأسَ ابنِ ثامِرِ
وقد صاح صوتاً منه يا رب فانتصر ... لقومٍ أبيروا بالسيوف البَواترِ
قَتَلْتُهُمُ بَغْياً بغير جنايةٍ ... وتلك لعمري من أطمِّ الكبائِر.
وابن ثامر هو عبد اللّاه بن الثامر الحارثي كان مؤمناً صالحاً على دين النصارى قتله ذو نواس الملك الحميَري صاحب الأخدود بنجران، ثم ندم على قتله وتحريق أصحابه في الأخدود] ...انتهى
استطاع احد أقيال نجران يسمى ذو ثعلبان بالفرار وطرق باب هرقل الروم فلم يسعده لبعد البلاد فصرفه إلى نجاشي الحبشة لنجده النصارى باليمن وهو ما تم وسبب قدوم الأحباش إلى اليمن . وقد أشار لذلك القاضي نشوان في المصدر السابق ما نصه [وذو ثُعْلُبان  الأكبر: ملك من ملوك حمير، وهو أحد المَثَامنة  منهم، واسمه نَوْف بن شَرَحْبِيل بن الحارث. من ولده ذو ثُعْلُبان الأصغر الذي أدخل الحبشة اليمن غَضَباً لما فعل الملك ذو نُوَاس بأهل الأُخْدُود من نصارى نجران. وكان ذو ثُعْلبان على دين النصارى وذو نواس على دين اليهود.]...انتهى

هناك قصه وردت في بعض الكتب عن كيفية دخول اليهودية اليمن- نسيت أين قرأتها ولها بقية في ذهني - ، وهو أن احد ملوك اليمن عند قفوله من غزوات بالجزيرة العربية – لعله الملك اسعد الكامل – واثناء مروره من يثرب استغرب وجود قله من اليهود بها ، فدار نقاش مع اثنين من أحبارهم يخبرانه عن ما يدينان به وان هذه المدينة – يثرب – هي مبعث نبي اخر الزمان ، اقتنع الملك ودخل في الديانة اليهودية وقرر أخذهما معه لليمن ،وقبل رحيله ترك فريقا من قومه فيها لنصره هذا النبي وهم الأُزد – والأصح الأُسْد بحرف السين كما قال نشوان وهم الأوس والخزرج-  و عند وصول الملك باليهوديين لليمن ، طلب الملك اعيان واقيال اليمن اليه حتى يستمعوا لهذين اليهوديين وبما يؤمنان به . بعد السماع قال الأعيان للملك إن كان ما يقولاه  صحيحاً فلابد من اختبارهما على النار المقدسة – نار بارض اليمن ، من مر منها وهو كاذب أحرقته وهلك وان كان صادق لا يحصل له أذى – فطلب الملك من اليهوديين فعل ذلك كبرهان لقومه ،فوافق اليهوديان وعُرِضا على النار فمرا منها ولم تمسهم النار بسوء ، فدان معشر اليمنيين باليهودية منذ تلك الفترة . 
إهمالا لصحة هذه الرواية من خلافه ، لم اقف على شيء اخر يشير كيف اعتنق اليمنيين اليهودية ، وقد يتبادر للذهن عن سبب اخر يبين كيف دخل اليمانيون  اليهودية سوف أناقشه في متن النقطة التالية .
_______________
• اصل يهود اليمن
الراجح لي وبحسب اطلاعي ان يهود اليمن ليسوا يمنيين ، بل دخلوا اليمن قبل ظهور الاسلام بفترة طويلة فرارا إما من السبي البابلي بقيادة بختنصر/نبوخذ نصر أو ربما من الدولة الرومانية بعد اعتناقها المسيحية ،فهربت مجموعه منهم لأرض اليمن لبعدها عن تلك المناطق ، وهنا اكمل النقطة الماضية بانه قد يقول قائل انه ربما حصل تأثر بين اليمنيون واليهود الوافدون فاعتنقوا اليهودية ،وقد يكون ذلك ، ولكن يجب الأخذ بالاعتبار أن اليهود يعتقدون بان اليهودية هي بالوراثة وليس مثل الإسلام والنصرانية يمكن أي فرد اعتناقها  ،فاليهودي هو من ولد من ام يهودية فقط، فلذلك لم نلحظ نشاط ملموس قام به اليهود بغرض تهويد غيرهم ممن ليسوا على ملتهم .
سوآءا جهلنا أم عرفنا كيف دخل اليمنيين اليهودية يبقى الثابت أنها ديانة اعتنقها اليمنيين ملكا وشعب – وبقى هناك أيضا يمنيين على ديانات واعتقادات أخرى - ، وعودة إلى اصل النقطة وهي اصل اليهود وكما سمعت من يهود اليمنيين واخبرني بعضهم  انهم من ذرية سيدنا هارون عليه السلام  ومن خلال متابعتي لفحوصات DNA ليهود اليمن  فأنها قد توكد صحة ذلك أو على الأقل انهم ليسوا يمنيين.
 والعجيب أن ما يلفت الانتباه في فحوصات DNA أن اليمنيين و اليهود ((اليمنيين)) من اطلق واقوى العينات للدلالة للسلالة العربية وللسلالة الهارونية – بني إسرائيل الاصليين وهو سيدنا يعقوب عليه السلام – وأوضحت النتائج أن العينات القادمة للفحص من  شبة الجزيرة والعينات التي القادمة اليهود ما يسمون العرب أو المشرقيين الذين كانوا يقطنون اليمن وغيرها من ديار العرب  يلتقون في جد مشترك اقرب من بقيه جينات المجتمع اليهودي الحالي  والتي أظهرت النتائج تمايز هذا المجتمع اليهودي عرقيا بشكل كبير . مع التنويه ان هذا العلم مازال في بدايته ويحتاج لوقت حتى يمكن الاعتماد والجزم به بالإضافة أن متابعتي له ليست متعمقة .
  وخلاصة الكلام والذي لم يصل لدرجة اليقين ، أن اليهود في اليمن الذين بقوا على اليهودية عند ظهور الإسلام وحتى مغادرتهم اليمن نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات ليسوا يمنيين عرقا واصلا، وهذا ما يفسر بحسب اجتهادي تمسكهم باليهودية بسبب عرقي  ، في حين ترك اليمنيين اليهودية وامنوا بالإسلام حين ظهوره ،بالإضافة إلى أن الديانة اليهودية لم تكن راسخه في اليمن.
_________________
• نشوء حي قاع اليهود
وهو أصل هذا المنشور ، القاع بلغتنا الدارجة تعني الأرض الواسعة الخصبة ولعلها مرادفة لكلمه وادي وجمعها قيعان وهي منتشرة ومتداوله ولعل اشهرها قاع جهران وقاع البون وقاع القيضي وقاع بكيل بآنس وغيرها .
حتى سنة 1000 للهجرة تقريبا كان حول مدينة صنعاء (القديمة حاليا مع القصر ) قيعان وصوافي وحقول ومقابر ولم يوجد حولها شيء بعد ما خلا بعض البيوت المتناثرة بين تلك الحقول والصوافي .
ومعنى ذلك انه أيضا، لا وجود لبستان المتوكل (التوجيه المعنوي والمتحف الوطني  حاليا) ولا بير العزب ولا قاع اليهود ،وكان  هناك بعض القرى والتي اصبحت اليوم جزء من صنعاء الحديثة مثل بيت معياد وهبرة وشعوب وغيرها .وهناك لمحة بسيطة عن مراحل توسع مدينة صنعاء تكلمت عنها تجدونها في هذا الرابط بعنوان"بطال السبب وإزاله العجب بمن قال ان الاتراك أنشئوا بير العزب" 
https://www.facebook.com/groups/757826824248751/permalink/1244613005570128/
باستثناء حادثة واحدة ، لم يرصد التاريخ اليمني المدون- بحسب اطلاعي- أي أعمال عنف على أساس ديني أو عرقي بين اليمنيين واليهود الساكنين فيها ، ولم تشن عليهم أي دولة حكمت اليمن حروبا أو قتل أو تهجير أو نهب أو تغيير اعتقاد قسري ما خلا العقوبات الجنائية  ، أو ما شاع من احدهم من اعمال شعوذه وسحر وتنجيم وهي عقوبات تنال المسلمين انفسهم ، فاليهود أدوا ما عليهم من شروط وواجبات ،والدول المتعاقبة تكفلت بالسماح بحرية العبادة والحماية وحتى بشرب الخمور بضوابط ، وعلى هذا المنوال حتى هاجروا بإرادتهم بأعداد كبيرة خلال الفترة من  1948 م الى 1952م 
عكر هذا التعايش الطويل فتنة عظيمة بسبب اليهودي سليمان الاقطع عام   1077ه/1667م وجرت هذه الحادثة  في عهد المتوكل على الله إسماعيل إمام اليمن في حينه والمتوفى 1087هـ ، وانتهت بإعدام سليمان الأقطع ونفي كبار المتورطين اليهود منهم عيلوم يهود صنعاء  إلى زيلع ، و حصل نهب لليهود خلال الأحداث ،ثم فرضت عليهم عقوبات كنوع من التعنيف والتنكيل ،منها ما رُفع ومنها ما بقي حتى خروجهم من اليمن . وتركا للإطالة ولمن أراد تمام الفائدة ،هذا هو الرابط لمقال لي حول ذلك فليراجع بعنوان "حادثة يهود صنعاء ومحاولتهم الاستيلاء على الحكم بزعامة اليهودي سليمان الاقطع"
https://www.facebook.com/groups/757826824248751/permalink/1110226715675425/
توفى المتوكل 1087هـ وخلفه ابن أخيه احمد بن الحسن الملقب بالمهدي ،وفي فترة حكمه أذاع بوجوب إخراج اليهود من عموم اليمن عملا بأحد الاحاديث النبوية ، وقد عارضه بعض العلماء في حينه حول دلاله هذا الحديث والمقصود منه ولوكان كذلك لعمل الخلفاء الراشدون به أو أحد الأئمة السابقين .وبالعودة إلى كيفيه وصول احمد بن الحسن إلى الحكم وافتقاره لبعض شروط الإمامة فأنها انعكست على موضوع إخراج اليهود ،وبدى للإمام أحمد بن الحسن أن تراجعه حول إخراجهم  سيدلل على من قدح عليه تواضع علمه الشرعي وأنه أخذ الحكم بالغلبة والقوة في حين توافر الشروط في غيره من مناوئيه.
كان اليهود القاطنون في صنعاء يعيشون في حارة ما تسمى اليوم بالجلا والخرائب ، والاسم واضح بما فيه الكفاية للدلالة عن سبب تسميته بذلك ، فقد تم إجلاء اليهود منه ، فبيوتهم منها ما بيع ومنها ما خرب ومنها ما بقي مهجورا ،فأصبحت تسمى المنطقة بالجلاء والخرائب ، كما أن اليهود كانوا يعيشون في حارات أخرى ولكن بشكل اقل ،ولكن ما جعلهم يتركزون في حارة الجلاء هو وجود اهم كنيس لهم وهو ما يعرف اليوم بمسجد الجلاء وبجواره الحمام الخاص بهم وهو باسم حمام الجلاء أيضا ومازال ، ولعل ما يزيد دهشتي حول كنيس الجلاء وهو أنه بعض العلماء والأعيان قد حاولوا ثني المهدي أحمد بن الحسن من هدم كنيس الجلا وقالوا له انه المكان الذي نزل فيه رسول رسول الله وبر بن يحنس الأنصاري رضى الله عنه أثناء قدومه صنعاء وتأسيس مسجدها الجامع الكبير في السنة الـ 6 للهجرة . ثم تضاربت الروايات التاريخية حول إن كان هدمه أو تحويله إلى مسجد ، ولكن اُرجح انه بقي على حاله – بعد زيارتي له اكثر من مرة – وهناك بعض الشواهد قد تؤيد ذلك مثل انحراف قبلته بشكل كبير وسقفه المنخفض كما أن هناك إشارات لوجود توسعه ملحقه بالبناء القديم  .
سجل المؤرخون اليمنيون شكوكهم حول بعض الوافدون إلى اليمن خصوصا لمن يمتهن مهنه الطب وهو ما كانوا يسموه في تلك الأيام بالحكماء ، وأضافوا انهم يتسترون بالطب و باللغة العربية لإخفاء يهوديتهم ورصدوا التقاء هؤلاء الغرباء مع زعماء يهود خفية خارج مدينة صنعاء , وأضافوا انهم كانوا يقدمون هدايا للحكام المسلمين و الأعيان فيها سحر وما إليه ، وانه ما حصل تلفظ اليهود بعبارات أثارت العامة إلا بعد وصول هؤلاء مثل ظهور مخلصهم وانهم سيرحلون لأرض الميعاد وتخلصهم من هيمنة غيرهم وان حكمهم قد بدأ(أن الحسبه وفيت).
وبالربط بما سجله المؤرخون اليمنيون حول هذا وماجري من حدث في ديار الدولة العثمانية في أزمير من قبل اليهودي شبتاي تسفي وتداعيات الحدث داخل الدولة العثمانية وخارجها ،فلربما كانوا هؤلاء الرسل الغرباء فعلا لهم بصلة حول حركة شبتاي تسيفي .
إذن أصبح هناك اكثر من عامل مرتبط بإجلاء اليهود من اليمن ، تحتاج لجهد و بحث اكثر لتعيين نقاط تقاطع هذه العوامل لتحديد أسباب إجلاء اليهود بوضوح أو تلك التي أكثرها تأثيرا ، لان هناك إشارات تاريخية بأن ليس كل اليهود قد تجاوبوا مع هذه الدعوات  أو تورطوا فيها ،ولا انسى أن أشير أن هناك إشارات تاريخية – إن كان ليس محلها هنا -  تعاكس الراي الشائع حتى اليوم وهو أن اليهود كانوا يركبون الخيول ويلبسون الجنابي ويعتمون ويمتلكون المزارع والأعناب  وغيره  .
وهنا أسرد نقولات هامة من المؤرخ المعاصر للأحداث يحيى بن الحسين بن الإمام القاسم المتوفى تقريبا 1100هـ/1687م رحمه الله دَوَّنها قلمه دون غيره في كتابة بهجة الزمن في تاريخ اليمن ،قال المؤرخ يحيى بن الحسين [[وفي غرة شهر شعبان (1088 هـ/1677 م)منها وصلت كتب أحمد بن حسن إلى محمد بن المتوكل صاحب صنعاء يذكر له فيها أنه رأى أن اليهود كثرت ضريبتهم المشبهة على دار الضرب، وفيها نحاس كثير وغش وكثر منهم بيع الخمر من المسلمين وأعمال السحر، وأنه قد رأى إخراجهم من جزيرة العرب لما ثبت في الحديث عنه (الرسول عليه الصلاة والسلام) أنه قال: "أخرجوا اليهود من جزيرة العرب " ، وأنه مع هذا الذي رآه لا يستغني عن استمداد الرأي في مثل ذلك، فعرض محمد بن المتوكل الكتاب على جماعة من الحاضرين، فأجاب الفقيه أحمد بن صالح بن أبي الرجال بأن الرأي إخراجهم عن جزيرة العرب، ولا يبقى منهم أحد، وصنف في ذلك كراسة كل حججها مقلوبة معلولة، و وافقه يحيى جباري قاضي ذمار، فاستحسن إخراجهم، مصانعة مسايرة للمهدي ، ويحيى بن حسين بن المؤيد كَثَّر في تحريض المهدي بإخراجهم.
وقال القاضي محمد بن قيس: الأمر كذلك، وأنه لا ذمة لهم في اليمن وليس من مساكنهم، لكنه يجب عليكم تأمينهم وحفظهم من تخطفات القبائل إلى مأمنهم؛ لقوله تعالى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ  ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} وأجاب القاضي محمد بن علي العنسي بأنه "يخرج المفسد لا غيره".
وأودع محمد بن المتوكل إلى كاتب الأحرف (وهو مصنف الكتاب )ما ترونه في هذا؟ فقلت للرسول(المرسل من محمد بن المتوكل ): ما أقول بشيء غير ما قال العلماء السابقون والعلماء المحققون: فهذه المسألة قد فرغوا عنها وقرروها في كتبهم وحرروها، فلا ينبغي منا قول يخالف ذلك، وهذا كتاب "البحر" أجمع كتاب في الخلاف، وأقوال العلماء في آخره في السير يقول فيه: أن المراد بجزيرة العرب، هو الحجاز لا غيره وإن مراد النبي بالجزيرة لحديث آخر رواه البيهقي وغيره أنه قال: "أخرجوا اليهود من الحجاز " وأن قوله في الحديث: أخرجوا اليهود من جزيرة العرب من تسمية البعض باسم الكل، من المجاز المرسل. فأجاب محمد بن المتوكل على أحمد بن الحسن المهدي: أن الحاضرين بصنعاء اختلفوا في ذلك، فمنهم من قال: يخرجون ومنهم من قال لا وجه لإخراجهم، وإن من صدر منه ضريبة وغش وبيع خمر وجب تأديبه.
ثم جاء أمر منه بعد ذلك بأنه تُخَرب جميع الكنائس، فأخرب في البون (شمال صنعاء في نواحي ريدة )على طريقه لما عاد (من الغراس في بني الحارث شمال صنعاء ) ما أخرب، وكذلك أخرب ولاته باليمن الأسفل (بلاد إب ونواحيها) بعضاً من الكنائس وأمر بإخراب كنيسة صنعاء (مسجد الجلاء) ، فراجع عليها محمد بن المتوكل، وقال: هي قديمة غير محدثة ووجد في سيرة صنعاء للرازي  أنها من زمان النبي، وذكر أنها قبلي المدينة قريب الباب، وأنها التي نزل بها وبر بن يخنس الصحابي  الذي أرسله النبي على أبي الأسود العنسي الكذاب  ، وذكر الرازي في تاريخه الكنيسة الأخرى التي كانت للنصارى، وأنها خراب بقي منها عقود، ولعلها التي كانت في القليس ، وكنيسة اليهود غيرها في الربع القبلي من المدينة يلي الضرب، باقيه الآن، والله أعلم ما يتم من أمر أحمد بن الحسن فيها.
وخربت كنائس كوكبان وشبام وتلك الجهة، وروي عن الفقيه أحمد بن أبي الرجال أنه ذكر أن القاضي زكريا  من علماء الشافعية قرر وجوب إخراجهم من جزيرة العرب، وهو كذب من أحمد بن صالح على القاضي زكريا، فإننا رأينا مصنفاته في شرح الروض ، وشرح مختصر المنهاج له أن الإخراج مختص بالحجاز لا غيره، كما يقول سائر الشافعية والعلماء. والعلماء جميعاً مقررون الحنفية والشافعية والحنابلة في كتبهم أن الأمر من النبي بإخراجهم إنما هو من الحجاز، وقد أخرجهم عمر امتثالاً لأمر النبي لا غيره، ولم يخالف في ذلك إلا المالكية فقالوا: يخرجون من جميع اليمن. وأما قول القاضي محمد بن قيس بأنه لا ذمة لهم ولا عهد فمصادم لما في سيرة ابن هشام  بمعاهدتهم في كتاب عمرو بن حزم إلى اليمن وكتاب معاذ بن جبل  لما أرسلهما النبي، والكفار مما ينبغي إبعادهم وتفسيرهم، إلا أن الذمم بعد عقدها لا يخفى ما في نقضها؛ ولأن ظلم أهل الذمة سبب إلى زوال الدولة، كما ذكره ابن هشام في السيرة وغيره عن النبي.
وعلى الجملة فإن المتورع في هذه المسألة لا يجيب بلا ولا بنعم؛ لأن ولاية الكفار منقطعة عن المسلمين فلا يكونن ظهيراً للمجرمين، وإنما حكينا حكاية ما قاله العلماء الماضين في العهد لا غير ذلك، ولذلك لما طلبنا نقد في جواب القاضي أحمد بن صالح في رسالته كان الجواب معلوماً، لكنا تركناه تورعاً، وقلنا: أقوال العلماء ظاهرة، فقلدوهم وأفعلوا فيهم ما ذكره العلماء في أمرهم. ] انتهى
أذن يتضح من النص السابق أن العلماء الذين طُلبوا للرأي حاصل فيهم الاختلاف بخصوص إخراج اليهود من اليمن وأن السبب الأساسي للمهدي أحمد بن الحسن لإخراجهم هو غش العملة ويقصد صك أو ضرب عملة يكثر فيها النحاس على حساب الفضة وهذا يعني أن قيمت المعادن في العملة المضروبة لا تساوي قيمتها الشرائية الحقيقية في الأسواق  وحينها يرفض تداولها في الأسواق أو يتم إعادة تحديد صرفها من قبل التجار والأسواق وأحيانا تصل الأمور إلى إضراب التجار وتغلق الأسواق والدكاكين وتتوقف الحركة التجارية .
الخلاصة بدأ إجلاء اليهود من صنعاء ومن بعض المناطق في اليمن صوب بنادر اليمن وتبين لهم لاحقا خديعة حركة شبتاي تسيفي بعد أن هلك منهم من هلك في الطرقات وبعد طلب العفو من الإمام المهدي احمد بن الحسن وأيضا تراجعه عن إجلائهم ،استقر بعض اليهود في المناطق التي وصلوا اليها مثل موزع وغيرها وطلب بعض يهود صنعاء العودة إلى منازلهم فرض الإمام ذلك وأمر أن يسكنوا إحدى شعاب حقل صنعاء بعيدا عن المدينة وكان هذا الشعب هو ما يعرف لاحقا وحتى اليوم بقاع اليهود وكان هذا سنه 1090ه/1676 م بعد سنتين من بداية إجلائهم كما أشار المؤرخ ابن الوزير في كتابة طُبق الحلوى  .
___________
• الخارطة 
الخارطة لا اعلم مصدرها بالتحديد ، ولكن اعتقد أنها وردت في كتاب صنعاء مدينة عربية وإسلامية للبروفسور سرجنت ، ولعدم حيازتي هذا الكتاب وهو باللغة الإنجليزية وأيضا لثمنه الباهض لم يتسنى لي متابعه مصدر تلك الخريطه وخلفيتها . ويبدوا لي أنها توضح معالم قاع اليهود لما قبل عام 1948م.
وعلى الجملة انقل هذه الخريطة كما هي وبعد ترجمتها من العبرانية إلى العربية ،وأسعدني تكرم وتعاون  الصديق هارون سري بذلك وقمت بوضع ترجمات المسميات عليها وتلوينها وما لزم لإخراجها بالشكل المطلوب .
وقبل الخوض في ذلك ، فالمتأمل في الخارطة يجدها نموذج مصغر من مدينة صنعاء باستثناء أن المساجد يقابلها الكنيسات، فلها سورها الداير عليها بالأبواب وفيها السوق والبساتين والحمامات والمقبرة والشوارع والصرحات بالإضافة إلى المنازل والأحياء السكنية .
وبيان الكتابات العبرانية لعدد 79 معلماً تقريبا في الخارطة كالتالي
1. الأبواب والداير (السور) وعددها (4):-
- الباب المؤدي إلى الحارة العربية النافذ إلى البونية ( أمام البنك الأهلي وبريد القاع اليوم)
- الباب المؤدي إلى الحارة العربية النافذ إلى  شرارة ( أول شارع جمال من جهة القاع )
- باب الروم( ولعله الباب المودي إلى الإذاعة ،واعتقد أن موقع هذا الباب هو باب عبيلة بالقرب من وزارة الزراعة)
- باب الشرقي للمدينة ( وهو باب القاع وموقعه مشهور جوار في التقاطع جوار جامع القاع ومطعم تعز)
2. الكنيسات (المعابد الدينية اليهودية ) وعددها (27) كنيس وهي المربعات السوداء :-
- كنيس الاسطى 
- كنيس الكسار
- كنيس المسوري
- كنيس الشيخ
- كنيس السياني
- كنيس صالح
- كنيس الذماري 
- كنيس الطيري
- كنيس الريعاني
- كنيس الحجاجي
- كنيس البديحي الجديدة (والبديحي احد تجار اليهود الاثرياء )
- كنيس البديحي
- كنيس الكحلاني
- كنيس عواض
- كنيس الجديد
- كنيس الجمل
- كنيس الشرعبي
- كنيس العرق
- كنيس العزيري
- كنيس جسفان
- كنيس سعادي
- كنيس فنحاس
- كنيس يصحاق
- كنيس الجرشي
- كنيس حبارة
- المدراس (لعلها مدرسة )
- بيت الحاخام القافح( وهو عيلوم يهود صنعاء في وقته)
3. السوق وعدد الأسواق فيه (7):-
- المجزرة
- سوق الحب
- سوق البز
- سوق الطيري
- حدادين (المحدادة)
- سوق العنب
- سوق القص
4. الشوارع وعددها (25):-
- شارع المسك
- شارع الاسطى
- شارع الكسار
- شارع المسوري
- شارع البوساني
- شارع الشيخ
- شارع السياني
- شارع صالح
- شارع الذماري
- شارع الريعاني
- شارع القاره
- شارع الكحلاني
- شارع عواض
- شارع البديحي
- شارع الريشه
- شارع الصبيرة
- شارع الغرقة
- شارع المشماعة
- شارع الوادي
- شارع مسعود
- شارع حباره
- شارع غياث
- راس القاع
- فيش العرق
- الفيش (شارع التوفيق )
- الدبب ( نفق ارضي باللهجة الصنعانية)

5. الحمامات وعددها(2):-
- حمام الفيش 
- حمام (جوار الصلبي عند مدخل السوق)
6. البساتين :-
- البساتين (في شمال المدينة وتحتل مساحة واسعه  وأيضا إلى الجوار منها خارج السور)
- المقشامة (وهي خارج سور المدينة وخاصة بالمسجد)
7. المقبرة اليهودية القديمة ( واعتقد أنها اليوم الجامعة القديمة)
8. حارات وتضمنت الخارطة الإشارة إلى حارة واحدة وهي الغرقة
9.  الصلبي :- (صلبي قاع اليهود – وهو اليوم حديقة الشهيد العلفي أمام مبنى ديوان أمانه العاصمة)
10.  المحاريق :- وهي الأفران الطينية التي تنتج طوب البناء التقليدي (الياجور)
11. بير مغازي (المرمادة) :- لعلها كانت بير يابسة أصبحت تستخدم كمكب للرماد.

+++++
الخلاصة : 
أتمنى أن يكون هذا العمل المتواضع خطوة هامة في توثيق وإعادة الكشف عن جزء من تاريخ مدينة صنعاء ، هذه المدينة التي تدينت بكل الديانات السماوية والوثنية ، كما هو خطوة هامة تبين كيف تلاشت وتغيرت معالم أحد أحيائها الكبيرة وهو حي بير العزب ، بير العزب الذي انطمس رسمه وضاع حتى اسمه ، فاضاعت ابوابه وأسواره وبساتينه وحاراته .
 هذا المنشور حول قاع اليهود قد يفيد كثيرة في اعادة اطلاق التسميات الاصلية للشوارع والاسواق في قاع اليهود المسمى اليوم بقاع العلفي ، وهذا يمكن في أي خطة قادمة لقيادة امانة العاصمة عند  ترميز وتسميه شوارع واحياء العاصمة صنعاء والذي لم يتم حتى الان .
++++
كتب وحرر م/عرفات بن علي البهلولي
شعبان-2017م 
مدينة صنعاء المحروسة

#معالم_من_مدينة_صنعاء_التاريخية
#عرفات_البهلولي
#مجموعة_صور_اليمن_التاريخة
#قاع_اليهود #بير_العزب

هناك تعليقان (2):

  1. اخي الكريم ارجاء منك اريد ان اعرف اسماء كبار اليهود في ذالك الوقت ووجهائهم ومشايخهم ومواقع منازلهم لو تكرمت لووووو تكرمت


    اساميهم واين منازلهم

    لو تكرمت اخي

    ردحذف
  2. منتظر ل ردك ب فارغ الصبر

    ردحذف

احباب قلبي الله المستعان كلمات

أحباب قلبي الله المستعان الشاعر محمد عبدالله شرف الدين أَحباب قَلبي الله المُستَعان ...*... رحتُم وَما قُلتُم رَعى الله فُلان عليش تذيقوه من...